فصل: قال أبو حيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {ومن الناس من يجادل في الله}.
قال المفسرون: نزلت في النضر بن الحارث.
وفيما جادل فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه كان كلَّما نزل شيء من القرآن كذَّب به، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه زعم أن الملائكة بنات الله، قاله مقاتل.
والثالث: أنه قال: لا يقدر الله على إِحياء الموتى، ذكره أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى: {بغير علم} أي: إِنما يقوله بإغواءِ الشيطان، لا بعلم {ويتَّبع} ما يسوِّل له {كلَّ شيطانٍ مَريدٍ} وقد ذكرنا معنى المريد في سورة [النساء: 117].
قوله تعالى: {كُتب عليه أَنَّه من تولاه} {كُتب} بمعنى: قُضي والهاء في {عليه} وفي {تولاه} كناية عن الشيطان.
ومعنى الآية: قضي على الشيطان أَنَّه يُضِلُّ مَن اتَّبعه.
وقرأ أبو عمران الجوني: {كَتب} بفتح الكاف {أنه} بفتح الهمزة {فإنه} بكسر الهمزة.
وقرأ أبو مجلز، وأبو العالية، وابن أبي ليلى، والضحاك، وابن يعمر: {إِنه} {فإِنه} بكسر الهمزة فيهما.
وقد بيَّنَّا معنى {السعير} في سورة [النساء: 10]. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَمِنَ الناس مَن يُجَادِلُ فِي الله بِغَيْرِ عِلْمٍ} قيل: المراد النضر بن الحارث، قال: إن الله عز وجل غيرُ قادر على إحياء من قد بَلِيَ وعاد ترابًا.
{وَيَتَّبِعُ} أي في قوله ذلك.
{كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ} متمرّد.
{كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ} قال قتادة ومجاهد: أي من تولّى الشيطان.
{فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إلى عَذَابِ السعير}. اهـ.

.قال أبو حيان:

{ومن الناس من يجادل في الله} أي في قدرته وصفاته.
قيل: نزلت في أبي جهل.
وقيل: في أُبيّ بن خلف والنضر بن الحارث.
وقيل: في النضر وكان جدلًا يقول الملائكة بنات الله والقران أساطير الأولين، ولا يقدر الله على إحياء من بَلي وصار ترابًا والآية في كل من تعاطى الجدال فيما يجوز على الله وما لا يجوز من الصفات والأفعال، ولا يرفع إلى علم ولا برهان ولا نصفة.
والظاهر أن قوله: {كل شيطان مريد} هو من الجن كقوله: {وإن يدعون إلاّ شيطانًا مريدًا} وقيل: يحتمل أن يكون من الإنس كقوله: {شياطين الإنس والجن} لما ذكر تعالى أهوال يوم القيامة ذكر من غفل عن الجزاء في ذلك اليوم وكذب به.
وقرأ زيد بن علي {ويتبع} خفيفًا، والظاهر أن الضمير في {عليه} عائد على {من} لأنه المحدث عنه، وفي {أنه} و{تولاه} وفي {فإنه} عائد عليه أيضًا، والفاعل يتولى ضمير {من} وكذلك الهاء في {يضله} ويجوز أن تكون الهاء في هذا الوجه أنه ضمير الشأن، والمعنى أن هذا المجادل لكثرة جداله بالباطل واتباعه الشيطان صار إمامًا في الضلال لمن يتولاه. فشأنه أن يضل من يتولاه.
وقيل: الضمير في {عليه} عائد على {كل شيطان مريد} قاله قتادة ولم يذكر الزمخشري غيره، وأورد ابن عطية القول الأول احتمالًا.
وقال ابن عطية: ويظهر لي أن الضمير في {أنه} الأولى للشيطان والثانية لمن الذي هو للمتولي.
قال الزمخشري: والكتبة عليه مثل أي إنما {كتب} إضلال من يتولاه {عليه} ورقم به لظهور ذلك في حاله.
وقرأ الجمهور {كُتِبَ} مبنيًّا للمفعول.
وقرئ {كَتَبَ} مبنيًّا للفاعل أي كتب الله.
وقرأ الجمهور: {أنه} بفتح الهمزة في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله، {فأنه} بفتحها أيضًا، والفاء جواب {من} الشرطية أو الداخلة في خبر {من} إن كانت موصولة.
و{فأنه} على تقدير فشأنه أنه {يضله} أي إضلاله أو فله أن يضله.
وقال الزمخشري: فمن فتح فلأن الأول فاعل {كتب} بعني به مفعولًا لم يسم فاعله، قال: والثاني عطف عليه انتهى.
وهذا لا يجوز لأنك إذا جعلت {فأنه} عطفًا على {أنه} بقيت بلا استيفاء خبر لأن {من تولاه} {من} فيه مبتدأة، فإن قدرتها موصولة فلا خبر لها حتى يستقل خبرًا لأنه وإن جعلتها شرطية فلا جواب لها إذ جعلت {فأنه} عطفًا على {أنه} ومثل قول الزمخشري قال ابن عطية قال: {وأنه} في موضع رفع على المفعول الذي لم يسم فاعله، وأنه الثانية عطف على الأولى مؤكدة مثلها، وخطا خطأ لما بيناه.
وقرأ الأعمش والجعفي عن أبي عمر و{إنه} {فإنه} بكسر الهمزتين.
وقال ابن عطية: وقرأ أبو عمرو {إنه من تولاه فإنه يضله} بالكسر فيهما انتهى، وليس مشهورًا عن أبي عمرو.
والظاهر أن ذلك من إسناد {كتب} إلى الجملة إسنادا لفظيًّا أي {كتب} عليه هذا الكلام كما تقول: كتب أن الله يأمر بالعدل.
وقال الزمخشري: أو عن تقدير قبل أو على المفعول الذي لم يسم فاعله الكتب، والجملة من {أنه من تولاه} في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله لقيل المقدرة، وهذا لا يجوز عند البصريين لأن الفاعل عندهم لا يكون جملة فلا يكون ذلك مفعولًا لم يسم فاعله، وأما الثاني فلا يجوز أيضًا على مذهب البصريين لأنه لا تكسر أن بعد ما هو بمعنى القول، بل بعد القول صريحة، ومعنى {ويهديه} ويسوقه وعبر بلفظ الهداية على سبيل التهكم.
ولما ذكر تعالى من يجادل في قدرة الله بغير علم وكان جدالهم في الحشر والمعاد ذكر دليلين واضحين على ذلك أحدهما في نفس الإنسان وابتداء خلقه، وتطوره في مراتب سبع وهي التراب، والنطفة، والعلقة، والمضغة، والإخراج طفلًا، وبلوغ الأشدّ، والتوفي أو الرد إلى الهرم.
والثاني في الأرض التي تشاهدون تنقلها من حال إلى حال فإذا اعتبر العاقل ذلك ثبت عنده جوازه عقلًا فإذا ورد خبر الشرع بوقوعه وجب التصديق به وأنه واقع لا محالة. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَمِنَ الناس} كلامٌ مبتدأٌ جيءَ به إثرَ بيانِ عظمِ شأنِ السَّاعةِ المُنبئةِ عن البعثِ بيانًا لحالِ بعضِ المُنكرينَ لها. ومحلُّ الجارِّ الرَّفعُ على الابتداء إمَا بحملِه على المعنى أو بتقديرِ ما يتعلَّقُ به كما مرَّ مرارًا، أي وبعضُ النَّاسِ أو وبعضٌ كائنٌ من النَّاس {مَن يجادل في الله} أي في شأنِه تعالى ويقول فيه ما لا خيرَ فيه من الأباطيلِ وقوله تعالى: {بِغَيْرِ عِلْمٍ} حالٌ من ضمير يجادلُ موضحة لما يشعرُ بها المجادلة من الجهلِ أي مُلابسًا بغيرِ علمٍ. رُوي أنَّها نزلتْ في النَّضرِ بنِ الحارثِ وكان جَدَلًا يقول: الملائكةُ بناتُ الله والقران أساطيرُ الأولينَ ولا بعثَ بعد الموتِ وهي عامَّة له ولأضرابِه من العُتاةِ المُتمرِّدين {وَيَتَّبِعْ} أي فيما يتعاطاهُ من المُجادلةِ أو في كلِّ ما يأتي وما يذرُ من الأمور الباطلةِ التي من جُملتِها ذلك {كُلَّ شيطان مَّرِيدٍ} عاتٍ متمرِّدٍ متجرِّدٍ للفسادِ. وأصلُه العريُ المنبىءُ عن التمحضِ له كالتِّشمرِ ولعله مأخوذٌ من تجرُّدِ المصارعينَ عند المُصارعة قال الزَّجَّاجُ: المريدُ والماردُ المرتفعُ الأملسُ، والمرادُ إمَا رُؤساءُ الكَفَرةِ الذين يَدْعُون مَن دونَهُم إلى الكفرِ وإمَا إبليسُ وجنودُه.
وقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْهِ} أي على الشَّيطانِ صفة أخرى له وقوله تعالى: {أَنَّهُ} فاعلُ كتبَ والضَّميرُ للشَّأنِ أي رُقم به لظهور ذلك من حاله أنَّ الشَّأنَ {مَن تَوَلاَّهُ} أي اتَّخذهُ وليًّا وتبعه {فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} بالفتح على أنَّه خبرُ مبتدأ محذوفٍ، أو مبتدأٌ خبرُه محذوفٌ والجملة جوابُ الشرطِ إنْ جُعلت مَن شرطيةً وخبرٌ لها إنْ جُعلتْ موصولةً متضمنة لمعنى الشَّرطِ أي من تولاَّه فشأنُه أنْ يُضلَّه عن طريق الجنَّةِ أو طريق الحقِّ أو فحقٌّ أنَّه يُضلُّه قطعًا، وقيل: فإنَّه معطوفٌ على أنَّه وفيه من التَّعسفِ ما لا يخفى. وقيلَ وقيلَ ممَا لا يخلُو عن التَّمحلِ والتأويلِ. وقرئ فإنَّه بالكسرِ على أنَّه خبرٌ لمَن أو جوابٌ لها. وقرئ بالكسرِ فيهما على حكايةِ المكتوبِ كما هو مثل ما في قولِك: كتبتُ إنَّ الله يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ أو على إضمارِ القولِ أو تضمينِ الكتبِ معناهُ على رأيِ مَن يراهُ {وَيَهْدِيهِ إلى عَذَابِ السعير} بحملِه على مباشرةِ ما يُؤدِّي إليه من السَّيِّئاتِ. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَمِنَ الناس مَن يجادل في الله بِغَيْرِ عِلْمٍ}.
نزلت كما أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله تعالى عنه في النضر بن الحرث وكان جدلًا يقول الملائكة عليهم السلام بنات الله سبحانه والقران أساطير الأولين ولا يقدر الله تعالى شأنه على إحياء من بلى وصار ترابًا، وقيل في أبي جهل، وقيل في أبي بن خلف وهي عامة في كل من تعاطى الجدل فيما يجوز وما لا يجوز على الله سبحانه من الصفات والأفعال ولا يرجع إلى علم ولا برهان ولا نصفة، وخصوص السبب لا يخرجها عن العموم، وكان ذكرها أثر بيان عظم شأن الساعة المنبئة عن البعث لبيان حال بعض المنكرين لها؛ ومحل الجار الرفع على الابتداء إما بحمله على المعنى أو بتقدير ما يتعلق به، و{بِغَيْرِ عِلْمٍ} في موضع الحال من ضمير {يجادل} لإيضاح ما تشعر به المجادلة من الجهل أي وبعض الناس أو بعض كائن من الناس من ينازع في شأن الله عز وجل ويقول ما لا خير فيه من الأباطيل ملابسًا الجهل {وَيَتَّبِعْ} فيما يتعاطاه من المجادلة أو في كل ما يأتي وما يذر من الأمور الباطلة التي من جملتها ذلك {كُلَّ شيطان مَّرِيدٍ} متجرد للفساد معرى من الخير من قولهم: شجرة مرداء لا ورق لها، ومنه قيل: رملة مرداء إذا لم تنبت شيئًا، ومنه الأمرد لتجرده عن الشعر، وقال الزجاج: أصل المريد والمارد المرتفع الأملس وفيه معنى التجرد والتعري، والمراد به إما إبليس وجنوده وإما رؤساء الكفرة الذين يدعون من دونهم إلى الكفر.
وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما {وَيَتَّبِعْ} خفيفًا.
{كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إلى عَذَابِ السعير}.
ضمير {عَلَيْهِ} للشيطان وكذا الضمير المنصوب في {تَوَلاَّهُ} والضمير في {فَإِنَّهُ} والضميران المستتران في {يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ} وضمير {أَنَّهُ} للشأن وباقي الضمائر لمن.
واختلف في إعراب الآية فقيل إن {أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ} الخ نائب فاعل {كتاب} والجملة في موضع الصفة الثانية لشيطان و{مِنْ} جزائية وجزاؤها محذوف و{فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} الخ عطف على {أَنَّهُ} مع ما في حيزها وما يتصل بها أي كتب على الشيطان أن الشأن من تولاه أي اتخذه وليًّا وتبعه يهلكه فإنه يضله عن طريق الجنة وثوابها ويهديه إلى طريق السعير وعذابها، والفاء لتفصيل الإهلاك كما في قوله تعالى: {فَتُوبُواْ إلى بَارِئِكُمْ فاقتلوا أَنفُسَكُمْ} [البقرة: 54] وعلى ذلك حمل الطيبي كلام الكشاف وهو وجه حسن إلا أن في كونه مراد الزمخشري خفاء، وقيل {مِنْ} موصولة مبتدأ وجملة {تَوَلاَّهُ} صلته والضمير المستتر عائده و{أَنَّهُ يُضِلُّهُ} في تأويل مصدر خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره محذوف والجملة خبر الموصول، ودخول الفاء في خبره على التشبيه بالشرط أي كتب عليه أن الشأن من تولاه فشأنه أو فحق أنه يضله إلخ.
ويجوز أن تكون من شرطية والفاء جوابية وما بعدها مع المقدر جواب الشرط.
وقيل ضمير {أَنَّهُ} للشيطان وهو اسم ان و{مِنْ} موصولة أو موصوفة والأول أظهر خبرها والضمير المستتر في {تَوَلاَّهُ} لبعض الناس والضمير البارز لمن والجملة صلة أو صفة، وقوله تعالى: {فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} عطف على {أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ} والمعنى ويتبع كل شيطان كتب عليه أنه هو الذي اتخذه بعد الناس وليًّا وأنه يضل من اتخذه وليًّا فالأول كأنه توطئة للثاني أي يتبع شيطانًا مختصًا به مكتوبًا عليه أنه وليه وأنه مضله فهو لا يألو جهدًا في إضلاله، وهذا المعنى أبلغ من المعنى السابق على احتمال كون من جزائية لدلالته على أن لكل واحد من المجادلين واحدًا من مردة الشياطين، وارتضى هذا في الكشف وحمل عليه مراد صاحب الكشاف.
وعن بعض الفضلاء أن الضمير في {أَنَّهُ} للمجادل أي كتب على الشيطان أن المجادل من تولاه وقوله تعالى: {فَإِنَّهُ} الخ عطف على {أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ} واعترض بأن اتصاف الشيطان بتولي المجادل إياه مقتضى المقام لا العكس وأنه لو جعلت من في {مَن تَوَلاَّهُ} موصولة كما هو الظاهر لزم أن لا يتولاه غير المجادل وهذا الحصر يفوت المبالغة.
وفي البحر الظاهر أن الضمير في {عَلَيْهِ} عائد على من لأنه المحدث عنه، وفي أنه وتولاه وفي فإنه عائد عليه أيضًا والفاعل بتولي ضمير من وكذا الهاء في يضله، ويجوز أن يكون الهاء في أنه على هذا الوجه ضمير الشأن والمعنى أن هذا المجادل لكثرة جداله بالباطل واتباعه الشيطان صار إمامًا في الضلال لمن يتولاه فشأنه أن يضل من يتولاه انتهى، وعليه تكون جملة كتب الخ مستأنفة لا صفة لشيطان، والأظهر جعل ضمير {عَلَيْهِ} عائدًا على الشيطان وهو المروى عن قتادة، وأيًّا ما كان فكتب بمعنى مضى وقدر ويجوز أن يكون على ظاهره، وفي الكشاف أن الكتبة عليه مثل أي كأنما كتب عليه ذلك لظهوره في حاله، ولا يخفى ما في {يَهْدِيهِ} من الاستعارة المثيلية التهكمية.
وقرئ {كتاب} مبنيًّا للفاعل أي كتب الله.
وقرئ {فَإِنَّهُ} بكسر الهمزة فالجملة خبر من أو جواب لها، وقرأ الأعمش والجعفي عن أبي عمرو {أَنَّهُ فَإِنَّهُ} بكسر الهمزة فيهما ووجهه الكسر في الثانية ظاهر، وأما وجهه في الأولى فهو كما استظهر أبو حيان إسناد {كتاب} إلى الجملة إسنادا لفظيًّا أي كتب عليه هذا الكلام كما تقول كتبت إن الله تعالى يأمر بالعدل والإحسان أو تقدير قول وجعل الجملة معمولة له أو تضمين الفعل معنى ذلك أي كتب عليه مقولًا في شأنه أنه من تولاه. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3)}.
عطف على جملة {يا أيها الناس اتقوا ربكم} [الحج: 1]، أي الناس فريقان: فريق يمتثل الأمر فيتقي الله ويخشى عذابه، وفريق يعرض عن ذلك ويعارضه بالجدل الباطِل في شأن الله تعالى من وحدانيته وصفاته ورسالته.
وهذا الفريق هم أئمة الشرك وزعماء الكفر لأنهم الذين يتصدّون للمجادلة بما لهم من أغاليط وسفسطة وما لهم من فصاحة وتمويه.
والاقتصارُ على ذكرهم إيماء إلى أنهم لولا تضليلهم قومَهم وصدهم إياهم عن متابعة الدين لاتّبع عامة المشركين الإسلام لظهور حجته وقبولها في الفطرة.
وقيل: أريد بـ {من يجادل في الله} النضر بن الحارث أو غيره كما سيأتي، فتكون مَن الموصولة صادقة على متعدد عامة لكل مَن تصدق عليه الصلة.